الأدب و الأدباءالثقافة

مما قرأت .. من حرك قطعة الجبن خاصتي

احجز مساحتك الاعلانية

12016186_10207379493465558_388998258_o

بقلم : سماء كمال

“اشتم رائحة الجبن من وقت إلى آخر حتى لا يصيبها العطب، فملاحظتك للتغيرات البسيطة تجعلك تستعد وتتأقلم مع التغييرات الجذرية التي قد تصيبك مستقبلاً، ولتعلم جيداً إن لم تتغير ستفنى”!!
كتاب “من حرك قطعة الجبن الخاصة بي” للكاتب الرائع سبنسر جونسون والذي كتب العديد من الكتب في الإدارة والتحفيير وإعادة التغيير وبيع منه ملايين من النسخ حول العالم وترجم لأكثر من ٢٦ لغة.

وفكرة الكتاب ببساطة هي اهمية قوة التغيير في حياتنا من وقت لآخر، وماذا سيحدث لو استسلمت لدائرة الراحة فترة طويلة دون جد أو إجتهاد نحو التغيير.
وشرح جونسون ذلك من خلال حكاية بسيطة عن اربعة يعيشون في متاهة، فأران “ستيف وسنوري”، وقزمان “هيم وهاو”.

والجبن هنا ماهو الا كناية عما تريده من أحلام أو طموح ورغبات تسعي إلي تحقيقها. وظيفة، زواج، صحة، علم، ترقية … إلخ.

اما المتاهة هي دائرة الحياة اليومية، العمل، المدرسة، الجامعة، الاسرة، الاصدقاء ….. إلخ.

وفي المتاهة واجه كلا الفريقين (الفأران والقزمان) تغيرات عديدة في بداية حياتهم، كلا منهم له احلامه الخاصة، وكل صباح يرتدون احذيتهم الرياضية (والتي تدل هنا علي شحذ العزيمة) واتجهوا كلا منهم في طريقة يبحث عن قطعة الجبن التي يطمح إليها، وسعوا وبحثوا كثيراً في شتى الطرق، مرات صائبة وإخرى بلا فائدة، ولكن عزيمتهم نحو البحث وإيجاد الجبن كانت مستمرة، وأخيراً وجدوا الطريق إلى الجبن وتحقق حلم حياتهم، محطة كاملة من مخزون الجبن الشهي، حصلوا عليها وفرحوا واستمتعوا بها… ولكن ماذا فعلوا؟؟

مرت السنون، وكل فريق يعرف المكان، يذهب إليه كل يوم يلتهم ويأكل حتي يشبع.

الفأرين مازالو محتفظين بأحذيتهم الرياضية استعداداً لأي مفاجأة او لو ارادوا الوصول للمحطة أسرع، كذلك يفحصون المتاهة كل يوم، ويلاحظون كل مايتغير حولهم.

أما القزمين خلعوا الأحذية وتركوها فلا حاجة إليها فالجبن كثير ولا داعي للقلق!!
الجبن سيكفي مدى الحياة، هكذا ظنوا، وكل يوم يمشون في بطء وتكاسل حتى يصلون إلى المستودع. يأكلون ولا يلاحظون أي شئ يحدث حولهم.

وذات يوم ذهب الفأران ستيف وسنوري ولم يجدا ولا قطعة جبن، ولكنهم لم يتفاجوا بذلك لانهم كانوا يلاحظون المخزون يقل يوماً عن يوم، ولم يضخما الموضوع، نعم حدث تغير في مخزون الجبن، لكن علينا أن نستجيب ونتغير، هكذا تحدثا مع بعضهما، واستمروا في البحث من جديد عن مستودع جبن شهي جديد، والأحذية التي يرتدونها ساعدتهم أكثر على الجري والبحث.

وفي نفس الصباح ذهب القزمان هيم وهاو كعادتهم لمستودع الجبن حتي يأكلوا منه كالمعتاد، ولكن كانت المفاجأة !!!!

بدأوا يصرخان ويتساءلان من حرك الجبن .. من حرك الجبن .. واستمروا في ندب الحظ والتذمر!!
وظل هاو يحاول ان يقترح على هيم ان يبدءا البحث من جديد ولكن لا جدوي هيم يصرخ ويندب ويتذمر فقط لاغير.

اما الفأران من كثرة البحث استطاع أن يصلا مرة إخرى إلي أكبر مستودع للجبن لم يروا مثله من قبل.
ومازال القزمان يلومان حظهما!!
ولكن القزم هاو لم يستلم لصديقة المحبط هيم، وبدأ يتخيل انه وجد مستودع جديد من الجبن حتى انه شعر وكأنه تذوقه وهكذا بدء يقنع هيم بالسعي معه للبحث من جديد ولكن لاجدوي لم يوافقه هيم الرأي.
اسودت الدنيا في عين هيم وظن ان الخارج كله مخاطر وكوارث ولن يصل منه إلى أي جديد بل قد يصاب بالكوارث المنتظراه خارجاً!!

وظلا هكذا يذهبان يومياً للمستودع ينتظران أن يظهر الجبن من جديد، ويرجعان إلي منزلهما محطمين النفس، خاوية بطونهم.
ولكن اخيراً انفعل هاو في وجه هيم قائلا “كل يوم نفعل نفس الأفعال منتظرين أن يحدث التغيير وتعود الجبن من جديد، حان الآوان للتقدم والبحث لامزيد من التذمر والاحباط. إن الحياة تستمر ويجب علينا أيضا ذلك الإستمرار”.

وارتدي هاو الحذاء الرياضي خاصته وبدء رحلة الجري من جديد، كان خائفا مثل هيم ولكنه بدء في كتابه خوفه ومايشعر به علي الجدران، ماذا ستفعل إذا لم تكن خائفاً؟؟
واستجمع طاقته وشجاعته وبدء الرحلة، ورغماً انه كان تائهاً في الاول إلا انه استمر في عملية البحث دون كلل او ملل، وأخيراً وصل إلي مستودع جبن ولكنه وجده خاوياً الا القليل، أكله وفكر ان يرجع إلي هيم يطلب منه الذهاب معه ولكن دون جدوي لم يوافقه واخد يندب كالمعتاد فهو لا يريد شئ غير الجبن القديم، فقط يهوى البكاء على الاطلال ويخشى التغيير!!

تركه هاو واستمر في البحث من جديد وكتب على الحائط مرة إخرى “إذا غيرت طريقة بحثك أو تفكيرك ستتغير ردود افعالك”، واستمر هكذا وتخلى عن الماضي وتكيف مع الحاضر، حتي وصل في النهاية إلي مستودع جبن لم يجد له مثيل!!

تعلم هاو الدرس وقال انه لا يجب أن نمكث في الراحة فترة طويلة حتي نستطيع أن نلاحظ التغير أول بأول.
واستمر هاو مرتدياً حذاءه الرياضي شاحذاً للهمة. ولم ينغلق في صومعته بل انفتح على الواقع وبدء يبحث يومياً عن كل جديد في المتاهات المجاورة.

إنتهت القصة ولكن الدورس المستفادة كثيرة، أهمها أن نكون على استعداد فوري للتغيير متى اضطررنا لذلك.
فيجب عليك ابداً المحافظة على قطعة الجبن الخاصة بك في أشهى حالتها ولا تتركها لتتغير رائحتها أو لتنتهي صلاحيتها بدون أن تدري، فكلاً منا في حياته ما يحبه ولا يستطيع الاستغناء عنه ولكن عندما نطمئن أنه ملكنا في أيدينا يبدء الأهمال نحوه.
فنرى الزوج وقد أهمل في علاقته وحبه لأسرته حتى ضاعوا منه. وكذلك الزوجة فقدت العناية بنفسها حتى ضاع حب زوجها وانجذابه نحوها.
ونرى الموظف وقد اطمئن لوظيفته دون تطوير أو زيادة خبراته حتى جاء من هو أقوى منه وأخذ مكانه.
وهناك الكثير يعانون من فشل في الصداقات وبعد أصدقائهم عنهم لأنه لم يستطع السيطرة على عيوبه أو محاولة اصلاحها ظناً منه أنهم سيدومون له إلى الآبد.

أعزائي .. كلما كانت قطعة الجبن هامة إليكم .. كلما كنتم في أمسّ الحاجه للإحتفاظ بها. فلنتعلم الآتي:
١-إذا لم تتغير ستفنى وسيفني معك من تحبهم.
٢-اشتم رائحة الجبن من وقت إلى آخر حتى لا يصيبها العطب.
٣-عندما تتحرك متجاوزا مخاوفك ستشعر بالحرية.
٤-كلما تخيلت الهدف أكثر كلما ازدادت واقعيته.
٥-تخيل نفسك وانت تستمع بالجبن الجديد حتي قبل العثور عليه، فهذا يدلك إليه سريعاً.
٦-السير بطريق جديد يجعلك تكتشف المزيد من الجبن.
٧-المعتقدات البالية لن ترشدك إلى جبن جديد.

وأخيراً تكيف مع التغيير بسرعة، فكلما اسرعت بالتخلص من الجبن القديم استطعت ان تستمتع بالجبن الجديد!!

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى